ومن أصعب ما أمر الله به أنبیاءه هو أمر إبراهیم ذبح إبنه إسماعیل (علیهما السلام) وهوولد رزق الله به إبراهیم (ع) في عمر متقدم وبعد أن یأست زوجة إبراهیم من أن ترزق بولد فقال الله سبحانه وتعالى في الآية الـ101 من سورة "الصافات" المباركة "فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ". 

وبعد أن ترعرع الولد وکبر في أحضان أبیه أمره الله بذبحه "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى..." (الصافات، 102).  

وإسماعيل(ع) أيضاً إمتثل لأمر ربه كما فعل أبوه حيث قال: «...قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ»(الصافات، 102) إنه لم يتوسل إلى أبيه كي لا يذبحه إنما يقول له "إفعل ما تؤمر"وإنها العبارة التي تعكس قمة المعرفة والإيمان لدى إسماعيل (ع).

عندما خضع الأب والابن للأمر الإلهي وخضعا روحهما وكينونتهما للأمر الإلهي، منعهما الله من الاستمرار وقال سبحانه وتعالى في الآيتين 104 و105 من سورة "الصافات" المباركة: "وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ"، و"قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ".

نوعان من أوامر الله سبحانه وتعالى

هناك نوعان من الأوامر؛ أحياناً يكون الأمر نفسه مهماً ومطلوباً بحد ذاته کما قوله "أقم الصلاة" والهدف من هذا الأمر هو أداء الصلاة نفسها حتى يتحقق أثرها على المصلي والنوع الثاني هو أمر من المهم الإمتثال له دون أن یکون فعله مطلوباً فإن ما تعرض له إبراهیم (ع) کان من هذا النوع الذي منع جبرائیل إبراهیم(ع) قبل ذبح إبنه بعد أن إمتثل مؤمناً بالله والهدف من هذا الأمر هو البلاء كما قال الله سبحانه وتعالى في الآية الـ106 من سورة "الصافات:" المباركة "إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ".

إن الذبح هو أحد الطقوس الهامة لدى الديانات السماوية، والذي يشير إلى كلمة القرب وتعني اقتراب الإنسان من الله، وهو موجود منذ زمن النبي آدم(ع) الذي انحرف بمرور الوقت حيث قام البعض بذبح الإنسان، فلهذا أمر النبي إبراهيم(عليه السلام) بأن يذبح ابنه إسماعيل لانهاء هذه القضية لأنه لم يكن لدى أحد غير إبراهيم(ع) هذه القدرة والاستطاعة.

مقتطفات من كلمة الباحث الايراني في الدراسات القرآنية والمفسر للقرآن "محمد علي أنصاري"