ایکنا

IQNA

كورونا وكتاتيب القرآن بالخليج الفارسي..من المساجد إلى الإنترنت

11:30 - August 09, 2020
رمز الخبر: 3477713
عواصم ـ إکنا: ككل المجالات التعليمية التي تأثرت بوباء فيروس كورونا المستجد تأثر تعليم وتحفيظ القرآن الكريم الذي ينظم في المعاهد والمساجد والجوامع في أنحاء العالم.

وفي منطقة الخليج الفارسي بدأ تفشي الفيروس في فبراير 2020، ثم أغلقت السلطات المحلية المساجد والمدارس والجامعات والمعاهد، ومنعت التجمعات، وفرضت الحظر الجزئي والكلي للحد من تفشي الجائحة بشكل أكبر.

وتنتشر معاهد وجمعيات متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم في منطقة الخليج الفارسی بشكل كبير، باعتبار أن غالبية سكانها من المسلمين، ما جعل إغلاقها يؤثر بشكل سلبي على مواصلة هذه الحلقات لدورها في تعليم  أحكام التجويد للأطفال، بالإضافة إلى علوم القرآن التي تدرس عادة من قبل مختصين.

التحفيظ عن بُعد

وفي ظل الحلول التعليمية التي خرجت مع بدايات تفشي كورونا؛ باعتماد وزارات التعليم الخليجية على نظام "التعليم عن بُعد" لمواصلة الدراسة وعدم هدر أوقات الطلاب بإكمال مسيرتهم التعليمية، تم اعتماد هذا الحل بما يخص تحفيظ القرآن أيضاً، وتدريس علومه.

ورغم أن قراءة القرآن عن بُعد على مشايخ أو أساتذة موجودة من قبل فيروس كورونا، خصوصاً لمن يريد تلقي قراءة معينة من القراءات العشر عبر عدة مراكز إسلامية موجودة في مكة والمدينة المنورة، إلا أنها ليست بانتشار الحلقات الميدانية التي كانت تنتشر في مساجد الخليج والعالم الإسلامي.

ومنذ مارس وأبريل الماضيين، أطلقت معظم دول الخليج الفارسي منصات تعليم إلكترونية لتعليم القرآن الكريم عن بعد، للحد من تفشي وباء كورونا بين مرتادي حلقات التحفيظ في المساجد والجمعيات الخيرية.

ومع حلول فصل الصيف بدأت دول خليجية بإطلاق دورات افتراضية لتعليم وتحفيظ القرآن؛ في ظل استمرار الجائحة، ومنعاً للخطر الذي قد يصيب الطلاب.
كورونا وكتاتيب القرآن بالخليج الفارسي..من المساجد إلى الإنترنت
وأطلقت قطر عبر إدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في يونيو 2020، برنامج الدورة القرآنية الصيفية "تعاهد" عبر منصّة الوزارة الإلكترونية، والذي يتيح الفرصة للمشاركين في البرنامج لحفظ ومراجعة وتلاوة القرآن الكريم، وتعلم أحكام التجويد مع التطبيق؛ وطريقة التهجئة الصحيحة لكلمات القرآن الكريم من كتاب الدروس الهجائية المعتمد في الإدارة، من منازلهم.

وذكرت صحيفة "الوطن" المحلية أن عملية التعليم في البرنامج تتم من خلال 208 مدرسين، بالإضافة إلى 31 مشرفاً ومسؤولاً، لافتة إلى أنه سيمنح المشاركون في البرنامج شهادة مشاركة في حال أنجز الطالب المقرر المطلوب منه خلال فترة البرنامج.

وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العُمانية أعلنت، في 4 يوليو 2020، عن الملتقى الصيفي الثالث بعنوان "المدارس القرآنية وملتقى الصيف والقرآن"، والمتضمن للبرنامج الإلكتروني لتعليم القرآن الكريم للعام الدراسي 2020. 

وقال هلال بن حمود الريامي، مدير دائرة مدارس القرآن الكريم بالوزارة بأن برنامج "تعليم القرآن الكريم" بدأ تنفيذه عام 2015، وحاز جائزة أفضل برنامج إلكتروني لتعليم القرآن الكريم على المستوى الدولي، في أبريل 2018، لجائزة الكويت الدولية للقرآن الكريم، وقد استفاد منه 18 ألفاً و750 شخصاً حتى الآن، بحسب وكالة الأنباء العُمانية.
كورونا وكتاتيب القرآن بالخليج الفارسي..من المساجد إلى الإنترنت
من جهتها أطلقت الهيئة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بداية يوليو 2020، فعاليات الدورة الصيفية المكثّفة لحفظ ومراجعة القرآن الكريم، عبر مقرأة الحرمين الإلكترونية عن بُعد، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس".

وقال مدير إدارة شؤون المصاحف والكتب بالمسجد الحرام، غازي الذبياني، إن الفئة المستهدفة هم الطلاب الراغبون في الاستزادة في حفظ ومراجعة القرآن تعلماً وتعليماً، مضيفاً أن الدورة ستكون عبر عدة مسارات؛ هي "القاعدة النورانية، وتصحيح التلاوة، والإتقان، والحفظ، والضبط، والمراجعة".

وشهدت مجموعات تحفيظ القرآن الكريم التي أطلقتها مؤسسة الشارقة للقرآن الكريم والسنة النبوية "عن بعد"، في يوليو 2020، إقبالاً كبيراً من قبل الطلبة الراغبين في حفظ القرآن أحكامه.
كورونا وكتاتيب القرآن بالخليج الفارسي..من المساجد إلى الإنترنت

وفي 21 يوليو 2020، قال محمد الشطي، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية المنابر القرآنية في الكويت، إن التسجيل للدورة الصيفية الرابعة تحت شعار "بالقرآن قلبي اطمأن" عن بُعد قد بدأ، موضحاً أن الهدف من هذه الدورة تحقيق اطمئنان القلوب ب‍القرآن الكريم في ظل ما تمر به البلاد من انتشار جائحة كورونا.

كتاتيب القرآن

ويعد تعليم القرآن الكريم سابقاً على وجود المدارس المعروفة اليوم بانطلاقها مع بدء الإسلام، حيث كانت حلقات وكتاتيب المساجد والجوامع في المدن والقرى بمنزلة المدارس الابتدائية اليوم، ويتعلم فيها الطلاب القراءة والكتابة، بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم ودراسة علومه وعلوم الحديث النبوي، وكذلك العلوم الكونية من رياضيات وفيزياء وكيمياء وعلم أحياء وتاريخ وجغرافيا، وإن كانت على مستوى ضعيف جداً مقارنة باليوم.

كما حافظت هذه الكتاتيب على اللغة العربية وأهميتها، والتي كان لها حضور واسع عبر تدريس الشعر والمقامات والنحو والعروض وغير ذلك.

والكتاتيب هي جمع لكلمة كُتَّاب، تلك الكلمة التي تطلق على مكانٍ أو فضاءٍ واسعٍ يكون بجوار المسجد غالباً، يُشرِفُ فيه شيخُ الحيِّ أو إمامُ المسجد على تعليم الأطفال أو الشباب.

كما تطورت بعض الكتاتيب والحلقات في بعض المساجد لتصبح مثل الجامعات العالمية اليوم؛ مثل حلقات الأزهر بمصر، والأموي في دمشق، والسلطان أحمد في إسطنبول، والزيتونة في تونس، وعقبة بن نافع في القيروان، وجامع قرطبة الكبير بالأندلس (تم تحويله إلى كنيسة قبل قرون).
كورونا وكتاتيب القرآن بالخليج الفارسي..من المساجد إلى الإنترنت
وتخرج في هذه الكتاتيب أشهر علماء المسلمين على مر العصور، والذين برعوا بالإضافة إلى علوم الدين الإسلامي بعلوم الجغرافيا والفلسفة والطب والرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء وغير ذلك.

وضعفت أهمية الكتاتيب من الناحية العلمية في أواخر القرن التاسع عشر؛ مع دخول المدارس والجامعات الحديثة، واعتماد المناهج التربوية والتعليمية العصرية، مع استمرار تدريس القرآن الكريم بدرجة أقل في المدارس.

في الوقت ذاته حافظت الكتاتيب والحلقات القرآنية على وجودها في الكثير من دول العالم الإسلامي، حيث يرسل الناس أبناءهم لتعلم أركان الإسلام وتعاليمه، بالإضافة لحفظ القرآن وتعلم تجويده وغير ذلك.
كورونا وكتاتيب القرآن بالخليج الفارسي..من المساجد إلى الإنترنت
كما يعود تراجع دور حلقات القرآن إلى أنها لم تواكب مستجدات العلوم الدنيوية في عصور الانحطاط التي عاشها المسلمون في القرون الأخيرة، واستمر الأمر إلى يومنا هذا، في ظل تطور التعليم المدرسي ودعمه من قبل مؤسسات الدولة، فيما لا تحظى مثل هذه الكتاتيب إلا بميزانيات بسيطة من قبل الحكومات أو بتبرعات قليلة من قبل الأغنياء لا ترقى إلى ما تحظى به مؤسسات التعليم الرسمية.
 
captcha